تحميل :


بسم الله الرحمن الرحيم

الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا

اليكم اخواني شرح منظومة "المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" للإمام ابن عاشر -رحمه الله- في الفقه، باعتماد الدليل والأثر لسماحة العلامة المحدث الفقيه الشيخ الشريف حسن الكتاني -فك الله أسره- من سجن الطاغوت المغربي.
الرجاء من الاخوة المشرفين تثبيت الموضوع و للاخوة الأعضاء نشره في المنتديات لتعم الفائدة الجميع، و نصرة للشيخ المحكوم عليه بالسجن 20 سنة بتهمة التحريض على الارهاب.
التسجيل الصوتي يضم 55 شريطا في 6 ملفات بحجم 125 ميقا فقط.

رابط البرنامج الشهير في تسريع تحميل الملفات من موقع الشركة المنتجة:
http://mirror3.internetdownloadmanager.com/idman605.exe

روابط التسجيل الصوتي مقسمة على 6 أجزاء:
1
http://www.pupr.edu/msa/murshid/tape1-5.zip

2
http://www.pupr.edu/msa/murshid/tape6-10.zip

3
http://www.pupr.edu/msa/murshid/tape11-15.zip

4
http://www.pupr.edu/msa/murshid/tape16-19.zip

5
http://www.pupr.edu/msa/murshid/tape22-27.zip

6
http://www.pupr.edu/msa/murshid/tape28-30.zip

لا تنسوا الشيخ الأسير من خالص الدعاء..




التبت المختصر المسمى ب:
الدرر اللآلي في الإجازة للغوالي
تأليف
الشريف أبي محمد الحسن بن علي بن المنتصر الكتاني
فك الله أسره بمنه
بِسْمِ اللَه الرَحْمَنِ الرَحِيم
الحمد لله الذي رفع منار أهل الحديث، و جعلهم خلفاء رسول الله في القديم و الحديث، و الصلاة و السلام على إمام المتقين و قائد الغر المحجلين، محمد و آله الطيبين الطاهرين، و صحابته الذين جاهدوا في سبيل رب العالمين و من اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أمَّا بعد، فقد طلب مني الأخ الكريم ----------------------أن أجيزه بما يصح لي روايته عن مشايخي الأعلام، ظنًّا منه أنني من علماء الإسلام، أو من فرسان الميدان، ذوي التقى و الإيمان، فلما رأيته أحسن بي الظن، و ألقى إليّ الرسن، أجبت طلبته، و لبيت رغبته..
و إذا أجزت مع القصور فإنني أرجو التشبه بالذين أجازوا
السالكين إلى الحقيقة منهجًا سبقوا إلى درج الخبان ففازوا
و قبل ذكر مشايخي سأذكر ترجمة مختصرة لنفسي و هي مقسمة أولا: إلى ترجمة عامة، ثم دراستي الرسمية ثم سرد مشايخي و ما أخذت عنهم، و بالله التوفيق و السداد.
أَوَّلاً: تَرْجَمَةُ حَيَاتِي
ولدت أنا الحسن بن علي بن محمد المنتصر بالله بن محمد الزمزمي بن محمد بن جعفر الكتاني الإدريسي الحسني، بمدينة سلا المغربية يوم 7 رجب سنة 1392ﻫ، و درست دراستي الابتدائية بمدارس الظهران الأهلية شرق المملكة العربية السعودية حيث كان أبي، رحمه الله تعالى، يدرس في جامعة البترول و المعادن بها. و في سنة 1403ﻫ انتقلنا للحجاز، لمدينة جدة حيث أكملت دراستي بمدرسة منارة جدة الأهلية، التي كان يديرها مجموعة من الأساتذة من «الإخوان المسلمين». إلى أن نلت الشهادة الثانوية سنة 1409ﻫ.

و انتقلت بعد ذلك لرباط الفتح بالمغرب فدرست في المعهد العالي العالمي علوم الإدارة و الاقتصاد باللغة الإنجليزية (IHEM) إلى أن نلت شهادة الإجازة سنة 1416ﻫ.

ثم شددت الرحال للأردن، حيث استقررت في عاصمتها عمَّان، و درست في جامعة آل البيت الماجستير في الفقه و الأصول، بمدينة المفرق قرب الحدود السورية. و كانت رسالتي عن «فقه الحافظ أحمد بن الصديق الغماري دراسة مقارنة» أشرف علي فيها من الناحية التاريخية العلامة المؤرخ سعد الله أبو القاسم الجزائري، و من الناحية الفقهية الأستاذ الدكتور أنس أبو عطا الفلسطيني ثم الأردني. ثم رجعت للمغرب سنة 1420ﻫ.
وقد درّست في مسجدي مكة المكرمة بسلا و مسجد الضياء بحي النهضة بالرباط، كما أني توليت خطبة الجمعة بمسجد مكة إلى أن أوقفت عن الخطبة بسبب مشاركتي في التوقيع على فتوى علماء المغرب في من تحالف مع الصليبيين ضد المسلمين.

و قد نلت شهادة من المجلس العلمي بالرباط بالوعظ و الدعوة موقعة من رئيسه إذاك العباس بن عبد الله الجراري، و كان الذي امتحنني عمر بن عباد خطيب مسجد حسان، و التهامي الراجي، عالم القراءات و الدكتور بالجامعة.

ثم اعتقلت يوم 15 ذي الحجة سنة 1423ﻫ، الموافق 18 فبراير 2003، وبقيت بالسجن مدة إلى أن حصلت أحداث 16 مايو الشهيرة، والتي استنكرتها فور حدوثها وأنا بمعتقلي بسلا، ثم وحوكمت بعد تلك الأحداث الشهيرة بتهمة التنظير للإرهاب، للفكر السلفي الجهادي، و حكم علي ﺒ 20 سنة سجنًا في شعبان سنة 1424ﻫ. ظلما وعدوانا، نسأل الله أن يفرج عنا و عن سائر إخواننا بمنه و كرمه.

و والدي هو أبو الحسن علي بن المنتصر، الأستاذ الدكتور في الهندسة الكهربائية، و سيأتي ذكره في مشايخي بحول الله تعالى، و أمي هي الشريفة أم الحسن نزهة بنت عبد الرحمن بن محمد الباقر بن محمد بن عبد الكبير الكتانية، و هي ابنة عمة والدي.

و قد تزوجت سنة 1421ﻫ من السيدة أم محمد لمياء بنت محمد بن رضوان الزاكي التلمسانية ثم الرباطية، و لي منها ابنتي عائشة المولودة سنة 1423ﻫ أنبتها الله نباتًا حسنًا. و زوجتي حاصلة على شهادة في برمجة الحاسوب، كما أنها درست جملة من العلوم الشرعية على يدي و يد غيري من أهل العلم. و أجزتها في ذلك. و قد كان لها مواقف جليلة في الوقوف معي في محنتي، جزاها الله خيرًا.
و قد صنفت جملة من المصنفات و هي:
1. فقه الحافظ أحمد بن الصديق. ط.
2. زهر الربا في تفسير آيات الربا. ط.
3. التأويل عند علماء المسلمين. ط.
4. وصف « المحلى» لابن حزم الظاهري. ط.
5. الرد على الطاعن في أبي هريرة ط.
6. الرد على من قال باختلاف الأهلة و احتج بخبر كريب. ط.
7. حكم نكاح الكتابية. ط.
8. جزء الصلاة خلف المبتدع و المفتون. ط.
9. إلقاء الفهر على أصحاب السحر. ط.
10. ماهية الإقالة. ط.
11. الحركة الإسلامية في أفغانستان. (نشر في بعض المجلات).
12. الحركة الإسلامية في المغرب. (نشر في مجلة باكستانية).
13. استلهام رحمة الباري بترجمة شيخنا عبد الله الغماري.خ.
14. الجواب لأهل السنة و الكتاب. خ.
15. تعليقات و تعقيبات على ترجمة التليدي لحسن الشبوكي. (ط. في موقع ملتقى أهل الحديث بالأنترنيت).
16. الأجوبة الوفية عن الأسئلة الزكية. خ.
17. قناص الفوائد في الجرح و التعديل بمنهاج أهل السنة الأماجد. خ في عدة أجزاء لم يتم بعد.
18. تقديم "توجيه الأنظار" لابن الصديق. ط.
19. تخريج أحاديث "الدواهي المدهية للفرق المحمدية" لأبي محمد جعفر الكتاني. ط.
20. تخريج و تحقيق "الرياض الريانية في الشعبة الكتانية" له. خ لم يتم.
21. إتحاف الخليل لشرح المرشد المعين بالدليل. في حوالي 80 شريط، أعمل على تبييضها في كتاب.
22. شرح "الدرر البهية" للشوكاني، بالاشتراك، في حوالي 80 شريط.
23. شرح "النصيحة الكافية" لأحمد زروق، في حوالي 25 شريط.
24. شرح "العقيدة القيروانية" في حوالي 20 شريط.
25. شرح عقيدة "منهاج المسلم" للجزائري في حوالي 10 أشرطة.
و غير ذلك، نسأل الله الإخلاص في ذلك و أن ينفع بها.

هذا و قد سافرت لكثير من البلدان، فدخلت للأندلس مرارًا مع والدي رحمه الله و مع غيره، و زرت جملة من مدنها، و دخلت للجزائر وزرت تونس، و دخلت لدمشق الشام لصلة الرحم و لقيت علماءها، و زرت تركيا و قبرس الزكية و باكستان مع والديَّ و كذلك ماليزيا و سنغافورة و أستراليا و أمريكا و كندا و سويسرا و غير ذلك.
ثَانِيًا: دِرَاسَتِي الأكاديمية
أمَّا الدراسة التمهيدية فكانت في الظهران و في أمريكا مدينة (بوسطن) في مدرسة أمريكية، و بذلك اكتسبت اللغة الإنجليزية.

وأمَّا الابتدائي فالسنوات الثلاث منه كانت في مدارس الظهران الأهلية، و أهم من درستني فيها الأستاذة أميرة زكور المصرية، و كانت تحبني كثيرًا، بل ذكرت أنها التزمت بالحجاب بسببي و لله الحمد. و عن طريقها اهتممت بترتيل القرآن الكريم، فقد كانت في حصص القرآن الكريم تجعلنا ننصت لأشرطة كبار المقرئين المصريين فنقلدهم و نحن صغار.

ثم لما انتقل والدي، رحمه الله، للعمل بمنظمة المؤتمر الإسلامي مديرًا عامًّّا للمؤسسة الإسلامية للعلوم و التقنية بجدة، درسنا بمدارس منارة جدة، و كان من المؤسسين لها الدكتور توفيق الشاوي، رحمه الله، أحد كبار زعماء الإخوان المسلمين المصريين.

ومن أهم أساتذتي في هذه المدرسة الأستاذ أبو عمار ياسر بن عبد الفتاح المسدي الحمصي الشامي، أستاذ التربية الإسلامية، فقد كان له تأثير كبير علينا من خلال دروسه و من خلال الرحلات الترفيهية معه. و هو من فر من الشام بعد محنة الإخوان المسلمين هناك.

و كذلك الأستاذ أبو أيمن محمود محمد حامد المصري، أستاذ الجغرافيا. و قد سجن صحبة سيد قطب رحمه الله، و قضى في السجن زمن الطاغية عبد الناصر حوالي 20 سنة. فهذا الرجل كان يربطنا بواقع المسلمين و يحضنا على الدعوة إلى الله، و دلنا على كتاب (واقعنا المعاصر) لنتدارسه و نقرأه. جزاه الله عنا كل خير.
ولنا جملة آخرون من فضلاء المدرسين، منهم: الأستاذ محمد علي عبد العزيز المصري، أستاذ التربية الفنية، الخطاط البارع و الفنان المتقن، و ما كان يرسم ذا روح قط، و سجن مع إخوانه مع (الجماعة الإسلامية) بمصر، و كان كثير الدعابة خفيف الروح، يدخل النصيحة في قالب النكتة.

فهؤلاء أهم من أثر فيَّ في الفترة المدرسية.

و لما انتقلت للمغرب درست في المعهد العالي العالمي، و جل من درسني فيه مغاربة إلا مدرستين للغة الإنجليزية إحداهما إنجليزية و الأخرى أمريكية أو كندية. و الجميع إلا ما رحم ربي ميالون للعلمانية بعيدون عن الدين. و في هذا المعهد درست علوم الإدارة و الاقتصاد و الرياضيات. فإن ثانويتي كانت علمية، و قد نصحني والدي رحمه الله بدخول هذا المجال لكي تتوسع معارفي و مداركي، جزاه الله عني كل خير. فقد استفدت كثيرًا من ذلك.

ولما انتهيت تسجلت في جامعة آل البيت بالمفرق، في قسم الفقه والمعاملات، و عودلت شهادتي بمواد استدراكية.

ومن أهم من درسني: الدكتور قحطان عبد الرحيم الدوري العراقي و له علم واسع و مؤلفات مطبوعة. درسنا عليه مادة البحث العلمي و غيرها.
و منهم: مهيب الحصان، من تلاميذ عبد الفتاح أبو غدة، أخذنا عليه فقه الحديث.
و منهم: مفتي الأمن محمود البخيت، أخذنا عليه الفقه، و هو ميال للفقه الحنفي.
و منهم: عبد الرؤوف الخرابشة أخذنا عليه الأصول.
و كان المشرف على رسالتي من الناحية التاريخية: الأستاذ المؤرخ الدكتور أبو القاسم سعد الله، و له مؤلفات حافلة في التاريخ الجزائري في مجلدات كثيرة، و من الناحية الفقهية: الدكتور أنس أبو عطا، و هو رجل فاضل، من (الإخوان المسلمين).

أما المناقشون فكان أهمهم عندي الدكتور العلامة زين العابدين العبد السوداني، و كان يحبني و يحترمني.
وقد تكلمت عن جميع من درسني في "الدرر الحسان" في أماكن ذلك، و إنما اخترت من ذكرت لأنهم أهم من درسني و لبقاء أسمائهم في ذاكرتي.
ثالثًا: مَشَايِخِي خَارِجَ الدِِّرَاسَة الأكاديمية
هذا القسم من مشايخي كثير، واستفادتي منهم مختلفة بحسب كل الواحد منهم كما سأبين ذلك بحول الله تعالى، و سأذكرهم بحسب زمان استفادتي من كل واحد منهم. و الله الموفق:

1- أبو الحسن علي بن المنتصر الكتاني:

والدي و من له أكبر منة علي و من لا يمكنني مكافأة معشار فضله و خيره، رحمه الله تعالى و رضي عنه. الأستاذ الدكتور في الهندسة الكهربائية، ولد في فاس سنة 1360ﻫ، ثم أخذ الثانوية من دمشق. و درس الهندسة بلوزان في سويسرا ثم أخذ الدكتوراه في أمريكا. و هو أحد كبار علماء الطاقة الذرية في العالم. و اشتغل بالدعوة إلى الله تعالى في قارات العالم الخمسة، ثم ألقى عصا التيار بالأندلس يدعوهم بالرجوع إلى الإسلام حتى وافته المنية في محرم 1421ﻫ بقرطبة ثم نقل للرباط حيث دفن رحمه الله تعالى.
و كان له مشاركة في التاريخ و الأنساب و الجغرافيا مع الأخلاق الرفيعة و التواضع الجم مع المستضعفين، و عزة النفس مع المستكبرين.
استفدت من صحبته و سافرت معه كثيرًا، و كان كثير النصح لي و الشفقة علي و التشجيع لي. و حضرت جملة من محاضراته الدعوية و التاريخية.
و استجزته فأجازني، و هو يروي عن جده الشريف محمد الزمزمي بن محمد بن جعفر، عن مشيخته المذكورة في مذكراته.

2- أم الحسن نزهة بنت عبد الرحمن الكتانية:

أمي ومن الجنة تحت قدميها، و غذتني بلبانها و ربتني على حب الإسلام و السنة، و حرصت على ربطي بالمساجد منذ نعومة أظفاري.
ولدت سنة 1367ﻫ بسلا. و حصلت على الإجازة في العلوم السياسية، و استفادت من والدها و جدها الإمام محمد الباقر بن محمد بن عبد الكبير، و خالها أبي علي محمد المنتصر بن محمد الزمزمي.
كانت كثيرة الاهتمام بتربيتي، و حرصت على إدخالي للمساجد لحفظ القرآن، و كانت تحكي لي القصص الإسلامية المحمسة و تربطني بأمجاد أجدادي رحمهم الله، للاقتداء بهم. و علمتني أحكام الإسلام عند مراهقتي. وشجعتني في محنتي، و حتى كان لها أوفر نصيب في ثباتي بحمد الله و عدم إعطائي الدنية في ديني.
و قد أجازتني بثبت جدها "غنية المستفيد في مهم الأسانيد" بما أجازها هو به رحمه الله. و حفظها الله و بارك في عمرها.

3- أبو هريرة عبد الرحمن بن محمد الباقر الكتاني:

و يكنى أيضًا بأبي الخير و بأبي الليوث، جدي والد أمي، العلامة المربي الداعية المشارك في جملة من علوم الإسلام. أخذ عن أبيه و لازمه و عن عالم سلا أحمد بن عبد النبي و حافظ الرباط المدني ابن الحسْني و غيرهم.
و كان لا يخشى في الله لومة لائم، أمارًا بالمعروف نهاء عن المنكر، و هو الذي أسس رابطة علماء المغرب وأرادها أن تبقى مستقلة عن الدولة، لكنهم بعد وفاته خالفوا وصيته!.
حضرت له و أنا صغير جملة من دروس التفسير بالجامع الكبير بسلا، و كان شديد المحبة لنا. توفي رحمه الله سنة 1401ﻫ.

4- أبو علي محمد المنتصر بالله الكتاني:

جدي والد والدي، العلامة الإمام محدث الحرمين الشريفين، و مستشار الملك فيصل السعودي رحمه الله، ولد بالمدينة المنورة سنة 1332ﻫ صلى الله على صاحبها و آله و سلم، و درس بدمشق ثم بفاس ثم بالأزهر، و أخذ عن كبار علماء وقته، و أسس حزب الخلافة إبان الحماية الفرنسية، ثم لما ضاقت به السبل بالمغرب عاد للشام فعمل رئيسًا لقسم التفسير و السنة بجامعة دمشق، فلما جاء البعثيون اتهم بمحاربتهم فخرج للحجاز حيث أكرم وفادته الملك فيصل بن عبد العزيز و جعله مستشارًا له، فدرّس بالحرمين و بجامعة أم القرى، و كان مستقرًّا بمكة و له بيت بالمدينة.
فلما مرض عاد للمغرب سنة 1409ﻫ و استقر بالرباط إلى أن توفي سنة 1419ﻫ رحمه الله تعالى. و له مصنفات عديدة من أهمها "معجم فقه السلف".
كنت كثير المجالسة له، كثير الأسئلة منذ طفولتي، و حضرت له عدة مجالس في الحرمين الشريفين، و مجالس خاصة في البيت و السيارة. و أجازني إجازة عامة و بالحديث المسلسل بالأولية بشرطه. و هو يروي عن أبيه و عن جده، وعن جماعة آخرين ذكر بعضهم في إجازته لي. و قد جمع له شقيقي أبو الليث حمزة بن علي ثبتًا صغيرًا سماه "فتح السد عن بعض أسانيد الإمام الجد" و أذن له في الإجازة به.
و قد كان الجد، رحمه الله، يحضني على الثبات على الحق و دراسة العلوم الشرعية، و لما كنت مسافرًا للأردن ودعته و قلت له: ادع الله أن يرزقني العلم، فقال: تناله إن شاء الله.

5- أم بدر نفيسة بنت محمد الزمزمي الكتاني:

جدتي أم أمي، ولدت في بيروت سنة 1344ﻫ، و كانت شديدة البرور بزوجها جدنا أبي هريرة. و هي تروي عن الحافظ أحمد بن الصديق، و قد أجازتني بذلك، و أظنها تروي عن والدها كذلك. حفظها الله و أطال في عمرها.
و هي ممن شجعني في محنتي، و كانت تقول لي: السجن لا يكون إلا للرجال.

6- أبو العزم محمد بدر الدين بن عبد الرحمن الكتاني:

الدكتور المدرس الخطيب، أستاذ الفكر الإسلامي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، و مدرس التفسير خلفًا لأبيه بالجامع الكبير بسلا، و بغيره. خالنا حفظه الله.
ولد بسلا، و درس بفاس بالقرويين و لقي الأكابر رفقة والده و جده. و بدأ التدريس و هو صغير السن. و ترأس الطريقة الكتانية بعد وفاة عمه العلامة الصالح محمد بن محمد الباقر، رحمه الله تعالى. و هو صلب في مواقفه، محب للمجاهدين. من أعظم من وقف معي في محنتي و شجعني و دافع عني و عن سائر الإخوة، و قد أوذي و أوقف عن وظائفه و حوصر في نشاطاته لصلابته في الحق و عدم مداهنته فيه.
حضرت جملة من دروسه، و كان يعلمني أحكام ديني و أنا مراهق، و أجازني بثبت جده "غنية المستفيد" و هو مطبوع.

7- أبو العلاء إدريس بن محمد بن جعفر الكتاني:

الدكتور السياسي المحنك، ولد بدمشق سنة 1337ﻫ، و درس بفاس بالقرويين، و أخذ الدكتوراه في علم الاجتماع من كندا. و عمل مع حزب الشورى و الاستقلال، فكان من كبار زعمائه، فلما استقل المغرب سنة 1376ﻫ و مال الحزب للعلمانية كتب فيه كتابه "الغرب المسلم ضد اللادينية" فكان سببًا في دمار الحزب.
وأسس نادي الفكر الإسلامي. و هو عالم جرئ لا يخشى في الله لومة لائم، تزعم الفتوى المناهضة لموالاة الأمريكيين في حرب الخليج سنة 1410ﻫ ثم فتوى كفر الموالين لهم في الحرب ضد أفغانستان. و جهر بالحق في وجه الملوك فمن دونهم. حفظه الله و بارك في عمره.
و له مؤلفات كثيرة أغلبها في مواضيع الدفاع عن قضايا المسلمين. و هو كما ترى عم جدي، لازمته كثيرًا، و حضرت محاضراته، و شاركت في بعض نشاطاته. و أجازني بما يجوز له روايته عن مشايخه، كما في إجازته التي كتبها أخي المؤرخ المجد أبو الليث.

8- محمد الطيب بن محمد الكتاني:

ابن محمد بن عبد الكبير، الشيخ الناسك العدل، المعمر، فإنه تجاوز التسعين و قارب المائة، حفظه الله. و قد أخذ عن جد أبيه عبد الكبير بن محمد، وأبيه، و عمه محمد الباقر و أحمد بن عبد النبي و المدني بن الحُسني و أبي شعيب الدكالي. و غيرهم.
وهو يروي عن جملة من مشاهير القرن الماضي مثل بدر الدين الدمشقي و غيره، كما هو مدون في رحلة المطبوعة "الأنفاس النورانية" و أجازنا بذلك.

9- يوسف بن إبراهيم الكتاني:

ابن محمد بن عبد الكبير، الدكتور المحامي المدرس بدار الحديث الحسنية رئيس جمعية الإمام البخاري، يروي عن والده و عن غيره من العلماء. و قد قرأت عليه أوائل البخاري و أجازني ببقيته.
و له مؤلفات جيدة. هداه الله و أصلحه.

10- عبد العزيز بن عبد الله بن باز:

أبو عبد الله النجدي الحنبلي السلفي، إمامهم في زمانه، مفتي الدولة السعودية، العابد الناسك. فضائله كثيرة، لكنه كدرها بمسايرته للحكام و إفتائه بجملة من الفتاوى على أهوائهم. رحمه الله و عفا عنه. توفي سنة 1419ﻫ.
حضرت له درسًا بمسجد الملك سعود بجدة قديمًا لعله سنة 1408ﻫ.

11- محمد بن صالح بن العثيمين:

أبو عبد الله التميمي النجدي، إمام الحنابلة السلفيين في وقته, و ممن كان له الحظ الأوفر في التدريس و تيسير العلم على الناس، حتى كتبت من دروسه مؤلفات في سائر فنون العلم، و قد خلف شيخه عبد الرحمن بن ناصر السعدي، رحمه الله تعالى، و ترك مئات التلاميذ و الأصحاب و مدرسة علمية قائمة بنفسها. و نصر الجهاد في البوسنة و الشيشان. و كثير من قادة الجهاد هناك كانوا من تلاميذه.
لكن له فتاوى أخرى مثل شيخه ابن باز جارى فيها هوى الحكام، عفا الله عنه.
توفي رحمه الله سنة 1420ﻫ. و قد حضرت جملة من دروسه التفسيرية بالحرم المكي في رمضان.

12- عطية محمد سالم:

القاضي المصري ثم المدني المالكي، الفقيه الجليل، أشهر تلاميذ الأمين الشنقيطي و مكمل تفسيره "أضواء البيان". توفي فجأة سنة 1419ﻫ رحمه الله تعالى.
حضرت بعض دروسه في الحرم المدني الشريف، صلى الله على صاحبه و آله و سلم، و كان يشرح فيها الموطأ.

13- أبو بكر الجزائري:

جابر بن موسى الجزائري ثم المدني المالكي السلفي. أخذ عن علماء بلده ثم هاجر للحرم المدني. و له مؤلفات كثيرة كتب له فيها القبول، و مجلس وعظ حافل في الحرم المدني، حضرت بعض مجالسه.
لكن للرجل مواقف و فتاوى شاذة و غريبة، عفا الله عنه. و لا أدري هل بقي حيًّا أم لا؟!.

14- محمد قطب:

محمد بن قطب بن إبراهيم المصري ثم المكي السني، الشيخ الداعية المؤلف، صاحب المدرسة الشهيرة التي آتت أكلها بإذن ربها، و ترك تلاميذ هم شامة في جبين الدهر. و مؤلفاته لا يستغنى عنها في معرفة الواقع و الرد على شبه العلمانيين و أمثالهم. و قد أخرج من مكة فهاجر لقطر و لا أدري هل بقي حيًّا أم لا؟!.
حضرت له عدة محاضرات قيمة في جدة في بدء شبابي.

15- سيد سابق:

العلامة الفقيه صاحب "فقه السنة" أحد تلاميذ الإمام حسن البنا، و ممن سجن في الله تعالى. ثم هاجر للحرم المكي. توفي سنة 1422ﻫ رحمه الله تعالى.
حضرت له درسًا في المركز الصيفي بجدة قديمًا.

16- محمد نجيب المطيعي:

العلامة الفقيه المجاهد، من علماء مصر الشافعية، من الإخوان المسلمين، و هاجر للحجاز. حضرت له بعض المجالس في التفسير بمسجد أبي بكر الصديق في جدة. توفي سنة 1407ﻫ رحمه الله تعالى، و هو صاحب تكملة المجموع للنووي. ترجمته في "الدرر الحسان" بأوسع من هذا.

17- محمد بن أحمد طاحون:

المصري، الشيخ المدرس. خلف المطيعي في مجلس درسه، فحضرت مجالسه الوعظية. جزاه الله خيرًا. و له بعض المؤلفات.

18- حسن أيوب:

العلامة الداعية المدرس أبو محمد حسن بن محمد بن أيوب المصري الأزهري الحنفي ثم الأثري.
كان أولا مع الجمعية الشرعية التي أسسها محمود خطاب السبكي، ثم انضم للإخوان فنالته المحنة معهم. ثم ترك مصر للكويت، فكان أحد أركان الصحوة الإسلامية فيها و ترك جملة من مشاهير الدعاة بها. ثم انتقل للحجاز.
و قد حضرت جملة من دروسه و خطبه. و الحق أن هذا الشيخ هو عمدتي في العلوم الشرعية، لازمته سنتين في دروس مسجد الشعبي، فدرست عليه "العقيدة الواسطية" و أصول الفقه و فقه الدعوة و طرفًا من "بلوغ المرام" و طرفًا من "رياض الصالحين" و علمني الخطابة، و أغلب "الباعث الحثيث" في مصطلح الحديث، و قصص الأنبياء حضرت مجلسًا منها و الباقي سمعته في الأشرطة، و كان هذا في سنوات 1407ﻫ و 1408ﻫ و 1409ﻫ.
وقد حضرت جملة من خطبه. و كان يحبني و يقول لي: اسمك يشبه اسمي. و زرته في بيته، و أهديته بعض كتب آل بيتنا. و كان له غيرة شديدة على أوضاع المسلمين، و ترك مؤلفات قيمة في سائر علوم الدين.
لكنه، عفا الله عنه، اتخذ موقفًا سيئًا في حرب الخليج الثانية و استنجاد السعوديين بالأمريكيين، حتى إنه أرسل لي شريطًا مسجلاً بذلك يبين لي موقفه و يدعوني لمتابعته، فأجبته برسالة طويلة. و بكل حال فإنه شيخي الحبيب لا أزال أستغفر له و أذكر فضله علي. و قد كان حيًّا قبل اعتقالي. جزاه الله عني كل خير، و قد ترك الحجاز لمصر.

19- عادل أبو الشعر:

عادل بن إبراهيم الدمشقي، المقرئ المجود، و هو عمدتي في التجويد على رواية حفص عن عاصم. أخذ عن أيمن سويد عن عبد العزيز عيون السود بإسناده المعروف. و أخذ عن غيره.
وكان كثير الاهتمام بي، يمر علي في البيت بجدة و يعلمني و يشدد علي إذا رأى مني تكاسلا. و أول مسجد حضرته معه مسجد الهدى بحي الأندلس في جدة. حفظه الله و بارك فيه.

20- محمود فرج عبد الجليل فرج:

المصري المقرئ المجود، حفظت على يديه طرفًا من القرآن و جودته بمسجد أبي بكر الصديق بجدة. و كان ضريرًا مع أن عينيه مفتوحتان. جزاه الله عنا خير الجزاء.

21- عدنان السقا:

أبو فهمي عدنان بن فهمي السقا الحمصي الشامي، إمام و خطيب مسجد الهدى. و هو ممن تعلمت على يديه الأخلاق الإسلامية و الآداب الرفيعة، حضرت خطبه و دروسه و صليت وراءه التراويح و القيام، و تعلمت منه رقة القلب و حب الله تعالى و التواضع مع الناس، و صحبته في بيته دخولا و خروجًا لفترة.
وهو حنفي المذهب، و ممن درس على جدي، لعله بجامعة دمشق، و أخذ التصوف عن الشيخ عبد الجليل عيسى مؤلف كتاب "حقيقة التصوف"، ورزيء في ولده الكبير فهمي، صديقنا، رحمه الله، فصبر. و هو جميل الصورة، ندي الصوت، ذو رقة و حنان. حفظه الله و بارك فيه، لعله يبلغ من العمر 61 سنة.

22- لطف الله بن حاتم الريمي ثم الحجازي:

أبو أيمن اليماني ثم الحجازي. كان أولا مع ابن علوي المالكي مائلاً للتصوف، ثم التزم السنة على طريقة الإخوان المسلمين. صحبته فترة، و درسنا عليه شيئًا من كتاب "التوحيد" لابن عبد الوهاب و "فقه السيرة" للبوطي. مع نصائحه و خطبه. و كان يحمسنا على صيام الأيام الفاضلة و نهتم بأخبار الجهاد و المجاهدين، حتى فارقته لما رجعنا للمغرب سنة 1409ﻫ. و بقيت مراسلاتي معه مدة و لقيته سنة 1414ﻫ.

23- عبد المجيد بن عزيز الزنداني:

العلامة اليماني الشهير، زعيم حزب التجمع اليميني للإصلاح الداعية المجاهد الصلب في الحق.
لقيته مرة مع والدي رحمه الله بعد محاضرة في جدة فقال له والدي: إن ابني هذا يحبك فادع الله له، فدعا بخير. و حضرت له درسًا بمسجد الهدى بحي الأندلس بجدة.
ثم ترك الحجاز لليمن. و كان له دور في الحرب اليمانية، و قبلها في الجهاد الأفغاني الأول ضد السوفيات كان له دور كبير في إمداد المجاهدين بالمال و الرجال. حفظه الله من كيد الصليبيين.

24- سفر الحوالي:

أبو عبد الله بن عبد الرحمن الحوالي المكي، العلامة الداعية الشهير، أحد كبار تلاميذ محمد قطب و رؤوس مدرسته. حضرت معه درسًا في مسجده بجدة سنة 1414ﻫ في شرح العقيدة الطحاوية، و ذلك قبل اعتقاله الشهير.

25- ناصر بن سليمان العمر:

العالم الداعية الشهير. ألقى لنا درسًا بالمركز الصيفي بجدة عن حقيقة البدعة و ماهيتها، لعله سنة 1408ﻫ، ثم علا شأنه بعد ذلك على ما هو معروف.

26- جمال الدين السيروان:

أبو جميل الدمشقي، أحد كبار تلاميذ عبد الكريم الرفاعي رحمه الله تعالى.
حضرت له دروسًا في بيت الوجيه إبراهيم الأفندي في الفقه لعله كتاب "دليل الطالب" في الفقه الحنبلي. ثم تعرفت عليه سنة 1409ﻫ حتى أغرمت به. و افتتح لنا درسًا في "فقه السنة"، ثم سافرت للمغرب. و بقيت أراسله في شؤوني و أستنصحه، و زارني سنة 1411ﻫ ففرحت به كثيرًا. ثم لقيته في جدة سنة 1414ﻫ فساء ما بيني و بينه لنقاش طويل في تأييده للعقيدة الأشعرية و آخر في طعنه للألباني و تأييده لحسن السقاف في ذلك.
و هو جميل في شكله و مخبره، غاية في اللباقة و الأدب. أغلب استفادتي من أخلاقه و آدابه. جزاه الله عني كل خير. و غفر له.

27- جمال حافظ:

أبو عمار جمال بن عثمان حافظ المدني ثم الجُدِّي، المهندس التاجر.
صحبته في آخر سنتين قضيتهما في الحجاز و كان عمره آنذاك (1408/1409) حوالي 32 سنة. و كان يجمعني و معي صديقي ابن عمه تركي بن محمد علي حافظ، و نتدارس تفسير "الأساس" لسعيد حوى و غير ذلك و يشجعنا على صيام الأيام الفاضلة، يستدعي الفضلاء لبيته و يقيم لهم الولائم الطيبة.
وكان رقيق القلب سريع الدمعة محبًا للعلماء و الصالحين، قرأ كتب ابن القيم في الرقائق فكان يكثر نصحي و يشجعني على طلب العلم حتى أُصبح من علماء الأمة.
و مع تجارته الواسعة. فقد كان شديد التمسك بدينه كثير العبادة و أعمال البر و طيب النفس. و قد أحببته كثيرًا، و حججت معه سنة 1409ﻫ، فرأيت من رقة قلبه و بكائه ما لم أره عند غيره. و كان متمكنًا في فقه الحج، كما أني سافرت معه للمدينة المنورة، صلى الله على صاحبها و آله و سلم، و اعتكفت معه في الحرم المكي. حفظه الله و بارك فيه. فهذا من شيوخ التربية لا من شيوخ العلم، و هو من بيت عريق في المدينة المنورة، نفسي الفداء لساكنها.

فهؤلاء أهم مشايخي في الفترة الحجازية من عمري مع من درسني في المدرسة، جزاهم الله عني أعظم الجزاء.
أمَّا مشايخي في الفترة المغربية فأهمهم:

28- محمد إبراهيم بن أحمد الكتاني:

وممن لقيت واستفدت منهم من علماء آل بيتنا العلامة المجاهد أبو المزايا إبراهيم بن أحمد بن جعفر بن إدريس رحمه الله تعالى.
هذا الرجل كان نادرة في الاطلاع على المخطوطات في المغرب، وأخذ عن كبار علماء القرويين، وفي بيته تأسست الحركة الوطنية وحزب الاستقلال بقيادة صديقه علال بن عبد الواحد الفاسي الفهري. وقد سجن مرارا وعذب، ونفي إبان فترة النصارى بالمغرب، فلما خرجوا طالب بتحكيم الشريعة الإسلامية، وكتب أبحاثا قيمة. وكانت له مكانة عند الباحثين.
وقد كان شديد التأثر بدعوة العلامة محمد رشيد رضا رحمه الله، ميالا للطريقة السلفية من ترك التقليد ونبذ البدع في الدين، والدعوة للاجتهاد، لكنه قد يقول ببعض مقالات محمد عبده المصري التي تقدم الرأي على النقل.
وعن سمعته مرة يسأله أحد أبنائه عن المهدي المنتظر، فقال له: أما عندنا نحن السلفيين فلا وجود له، وأما عند غيرنا فيومنون بالمهدي والسفياني كذلك!.
فهممت أن أرد عليه وأنكر نسبة هذا الكلام للسلف، ثم تركت ذلك لصغر سني آنذاك.
وقد زرته أول مرة صحبة خالتي الأستاذة نور الهدى بنت عبد الرحمن الكتانية، وهي تلميذته، ففرح بي وأهداني نسخة من كتابه "من ذكريات سجين مكافح"، ثم كنت أزوره مرارا صحبة أبي رحمه الله تعالى، أو لوحدي، أو مع خالتي، فأستفيد من كلامه وقصصه.
توفي بالرباط، وحضرت جنازته رحمه الله تعالى سنة 1411هـ، وخصه والدي بمؤلف مستقل في مجلد، بعنوان: "العلامة المجاهد محمد إبراهيم بن أحمد الكتاني: حياة علم وجهاد".

29- عبد الله بن الصديق:

الإمام الشريف أبو الفضل بن محمد بن الصديق الغماري التجكاني الإدريسي الحسني، المحدث الأصولي المشارك في سائر العلوم، الأشعري الدرقاوي، الأثري مذهبًا.
درس بالقرويين و الأزهر حتى نال درجة العالمية بامتياز و صنف الكثير، و لقي أكابر أهل زمانه. و قد ترجم لنفسه في "سبيل التوفيق" و ترجمته في "استلهام رحمة الباري".
و كان صلبًا في الحق لا يخاف في الله لومة لائم. سجن حوالي عشر سنوات في مصر على يد العبد الخاسر لعنه الله من 1382ﻫ إلى 1392ﻫ، و كاد يعدم لولا لطف الله ثم تدخل العلماء من المغرب و غيره.
و قد دخل في معارك علمية عديدة مع السلفيين في مصر ثم في المغرب، و بينه و بين الألباني ردود و كذلك بينه و بين شقيقه محمد الزمزمي، رحم الله الجميع. فقد كان الشيخ صوفيا أشعريا، بل كان شيخ طريقتهم الصديقية الدرقاوية. و كان فيه تشييع خفيف.
لقيته مرارًا في بيتنا بسلا و في بيته بطنجة و في زاويتهم. و كنت أكاتبه و أستفتيه و أسأله، و أهداني كتبه. و استجزته فأجازني بالموطأ و الكتب الستة و بإجازة عامة. و هو يروي عن شقيقه أحمد و عن عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني و أحمد بن الخياط الزكاري وبدر الدين الدمشقي و غيرهم كثير كما هو بين في "سبيل التوفيق" و في إجازته.
توفي بطنجة سنة 1412ﻫ، و كانت له جنازة مهيبة، و ترك مدرسة علمية لها أتباع في المشرق و المغرب. رحمه الله تعالى.

30- عبد الحي بن الصديق:

العلامة الأصولي، الفقيه الأثري. درس في الأزهر مع إخوانه و اهتم بالأصول أكثر من غيرها مع المشاركة في بقية العلوم.
زرته مرارًا في بيته و سألته و استفتيته. و زارنا في بيت جدي بسلا، و كاتبته و أهداني كتبه، و استجزته فأجازني.
و هو يروي عن شقيقه أبي الفيض أحمد و عن غيره. و قد ترجمه ابن الحاج في "إسعاف الإخوان الراغبين" ترجمة وافية. توفي بطنجة سنة 1417ﻫ رحمه الله تعالى.
و كان فيه حدة شديدة في كتبه ينال فيها من كثير من العلماء، يشبه ابن حزم في ذلك، و كان سلفي العقيدة، مع تشيع و تصوف!.

31- عبد العزيز بن الصديق:

العلامة المحدث جمال الدين أبو اليسر، و درس بالأزهر و تأثر كثيرًا بشقيقه أحمد. و ترك العديد من المصنفات و كان صلبًا في الحق، خطبه كالقنابل على رؤوس الظالمين. مع محبة المجاهدين و الدعاء لهم. و أنشأ جريدة "مجمع البحرين" ثم أوقف ذلك كله بسبب شدته في الحق، و كان بيته مجمعًا للناس، يتذاكرون فيه أمور الدعوة و أحوال المسلمين على شتى طوائفهم.
و عقيدته تشبه عقيدة أخيه أحمد في الجمع بين السلفية و التصوف و التشيع!. رحمه الله و عفا عنه.
استجزته فأجازني، و هو يروي عن أخيه أحمد و عن ابن الخياط و المكي البطاوري وجماعة بينهم في إجازته التي جمعها تلميذه محمود سعيد ممدوح و طبعها.
و كان بيني و بينه علاقات قوية زيارة و مكاتبة و استفتاء رحمه الله تعالى و غفر له. توفي سنة 1418ﻫ.
و اعلم أن هؤلاء الثلاثة من آل الصديق لم يكونوا يتخلفون عن موقف ينصرون فيه المسلمين، و يبينون حكم الله في الموالين لأعدائه الكافرين. و لذلك ارتفعت مكانتهم عند الناس. و قد سجن عبد الله و عبد العزيز و جماعة من أصحابهم سنة 1399ﻫ في مسألة توحيد الأهلة لما أفطروا مع المسلمين و خالف المغاربة في ذلك.
و كانوا جميعًا أثريين في فقههم رافضين للتقليد. و أكثرهم اعتدالا و أعلمهم عبد الله حتى إن بكر بن عبد الله بن أبي زيد ليشبهه بعلماء القرن الثامن كابن الملقن و غيرهم.
ترجم ابن الحاج لشيخنا أبي اليسر في "الإسعاف" و ابن الحاج هو محمد الفاطمي بن الحاج السلمي المرادسي، أحد علماء القرويين. لقيته عند شيخنا أبي اليسر، ثم بلغني وفاته فجأة لعله سنة 1415ﻫ رحمه الله تعالى.

32- عبد الله التليدي:

المحدث المدرس المصنف أبو الفتوح عبد الله بن عبد القادر التليدي الكرفطي الطنجي.
من أشهر أصحاب أحمد بن الصديق.
أخذ عن علماء فاس و طنجة، و درس على آل الصديق عبد العزيز و محمد الزمزمي، واختص بأحمد اختصاصًا شديدًا و أخذ عن جدنا محمد المنتصر.
وهو أثري ميال لعقيدة السلف، مع التصوف و تشيع خفيف.
لقيته مرارًا في زاويته و بيته و بيتي، و كاتبته و استفتيته، و له كتب مفيدة و مواقف جيدة في نصرة الإسلام و المسلمين و تبيان الحق في خطبه و دروسه و كتبه.
لكنه في الفتوى الأخيرة سنة 1421ﻫ كأنه ضعف و رجع للوراء. عافاه الله.
استجزته فأجازني إجازة عامة. و قد خصه بالترجمة تلميذه حسين الشبوكي.

33- مصطفى البويحياوي:

العلامة المقرئ الفقيه المتمكن، المراكشي ثم الطنجي.
أخذ عن جماعة من أعلام مراكش من أشهرهم فاروق الرحالي. و بلغني أنه رحل لمصر في تحصيل القراءات.
ثم إنه ضاق صدره في مراكش بمحمد بن عبد الرحمن المغراوي فتركها و استقر بطنجة.
وقد حضرت له جملة من مجالسه العلمية في شرح البخاري و في السيرة و غير ذلك. و جالسته مرارًا و سألته. و هو غزير العلم، قوي الحافظة. يصحح للسارد من ذاكرته، و يملي أسماء الرجال و تراجمهم و أسانيد الأحاديث من صدره. مع رقة القلب و لين الجانب.
لكن سمعته مرة ينتقد كتاب "السنة" للالكائي و يلمح أنه يوهم التجسيم!!.
و مما أحفظني عليه أنني عرضت عليه فتوى تحريم معاونة الكفار على المسلمين، فتهكم بي ورفض التوقيع عليها. فسقط من عيني بعد أن كنت أجله. غفر الله له.

34- محمد الجردي:

الفقيه الخطيب المدرس، أبو عبد الله الطنجي. ممن صحب محمدا الزمزمي بن الصديق رحمه الله و تتلمذ على يديه.
حضرت بعض دروسه و زرته في بيته و لقيته مرارًا و استفتيته و هو كبير في السن، يخضب لحيته البيضاء بالحناء. سلفي أثري.
لكنه ممن تراجع عن التوقيع على الفتوى المشهورة، و زعم أنه دلس عليه، أي أنني دلست عليه!!. مع أني قرأتها عليه كاملة حرفًا حرفًا. غفر الله له.

35- محمد بو خبزة:

العلامة البحاثة المؤرخ الشريف أبو أويس محمد بن الأمين بن أبي خبزة العمراني الإدريسي الحسني، السلفي الأثري.
كان ممن صحب أحمد بن الصديق و تأثر به و نسخ الكثير من كتبه بخطه المغربي الجميل.
ثم إنه صحب بعد ذلك تقي الدين محمد بن عبد القادر الهلالي و تأثر به كثيرًا و تتلمذ على يديه.
وهو الآن في تطوان عالمها، و له درس حافل في جمعية الإمام الشاطبي، جهور بالحق في دروسه لا يهاب فيه عمرًا و لا زيدًا، مع روح دعابة، و اطلاع على الأدب و التاريخ و الكتب و التراجم، وبيته مفتوح لطلبة العلم.
و هو ممن وقع على فتوى تحريم التعاون مع النصارى دون تردد، بل لا يتردد عن التوقيع على أي فتوى تعرض عليه فيها نصرة لله و لرسوله، و لما هدد بتوقيفه إذا لم يتنازل عن توقيعه قال لهم: لست طفلا حتى أرجع عن توقيعي!!.
لقيته مرارًا و سألته. و استجازه شقيقي النابغة أبو الليث لي و له فأجازنا.
وهو يروي فيما أظن عن الهلالي عن مشايخه من أهل الهند، و بلغني أنه من القلة الذين يروون عن الألباني عن راغب الطباخ مؤرخ حلب. رحمهم الله.

36- عبد القادر الإدريسي:

الشريف الجليل، المدرس النبيل، أبو محمد عبد القادر بن عبد الرحمن بن هشام بن الصديق الغماري الإدريسي الحسني، إمام و خطيب مسجد مولين بالرباط.
أخذ عن علماء بلاده غمارة و عن بعض علماء وجدة. ثم استوطن بالرباط.
وهو مالكي سلفي أثري، حسن التدريس، متقن القراءة، و هو أحد من صحح مصحف الحسن الثاني (المسبع).
وهذا الشيخ عمدتي في العلوم بعد حسن أيوب، فقد درست عليه المقدمة الآجرومية بشرح الأزهري و طرفًا من الألفية بشرح ابن عقيل و العقيدة الطحاوية بشرح ابن أبي العز و رسالة القيرواني بشرح أبي الحسن. و طرفًا من مختصر خليل بشرح الآبى، و غالبًا ما كنت أنا السَّارد له.
وقد وقع على الفتوى الآنفة الذكر دون أن يقرأها، لكنهم هددوه بطرده من عمله فتنازل، غفر الله له.
و بالجملة فهو ممن لهم فضل كبير علي، لازلت أذكره له. جزاه الله عني كل خير، و أمد في عمره.

37- مصطفى النجار:

الفقيه اللغوي الأديب مصطفى بن محمد النجار السلوي، المالكي الأشعري التيجاني، رئيس المجلس العلمي بسلا.
أخذ عن كبار علماء العَدوَنَين الرباط و سلا كأحمد بن عبد النبي و المدني بن الحُسني و الباشا الصبيحي و جدنا عبد الرحمن بن الباقر، و غيرهم رحمهم الله.
و عمل في شبابه مع الحركة الوطنية.
و درس و خطب في جملة من المساجد، و في بيته و زاويتهم التيجانية.
وهو ممن وقع على فتوى تحريم التعاون مع الصليبيين، و رفض التنازل عنها مع تهديدهم له بإيقافه عن التدريس في المساجد، فقال لهم: قد درست بما فيه الكفاية!.
و دار الزمان حتى لم يجدوا أفضل منه يولونه رياسة المجلس العلمي لسلا، و ليته رفضه فقد أدخلوه في مآزق.
كنت أختلف إليه كثيرًا في منزله بسلا فأخذت عنه طرفًا من "المرشد المعين" و "الرسالة القيروانية" و"السلم المنورق" في المنطق، للأخضري بشرح الشريف أُبَي بن الزمزمي بن الصديق و طرفًا من "تحفة الحكام" لابن عاصم بشرح الكافي. و كانت له غيرة على أوضاع المسلمين و أحوالهم. حفظه الله تعالى.

38- أحمد معنينو:

الحاج أحمد معنينو السلوي، الشيخ المعمر المناضل، أحد كبار رجال الحركة الوطنية في حزب الشورى. و له تاريخ حافل دونه في مذكراته و كتبه المتعددة.
زرته أكثر من مرة في بيته. و أجازني. و من أقدم مشايخه عالم سلا ابن الفقيه الجريري رحمه الله، فإسناده عال، و أبو شعيب الدكالي.
و تراجم أهل العدوتين يمكن معرفتها من كتاب "أعلام العدوتين" لعبد الله الجراري، و "الاغتباط" لابن أبي جندار و "مجالس الانبساط" لدينية و "الإتحاف الوجيز" لابن علي الدكالي، و غير ذلك.

39- محمد الأزرق:

أبو عبد الله الفاسي، نزيل الرباط، من علماء القرويين. و يروي عن جماعة من كبار علماء فاس من مشايخه، و لا أستحضر أسماءهم الآن. و له خط مغربي جميل.
و هو أحد العلماء الذين شاركوا في وضع قانون الأسرة الجديد، و بلغني أنه لم يكن راضيًا عما فيه من مخالفات شرعية لكن الملك لم يعره اهتمامًا!
استجزته فأجازني في بيته بالرباط لما زرته سنة 1421ﻫ و تراجم علماء فاس تجدها في "الإسعاف" لابن الحاج و "سل النصال" و"إتحاف المطالع" لابن سودة و "معجم الشيوخ" لعبد الحفيظ الفاسي، و غيرها.

40- محمد المنوني:

العلامة الشريف أبو عبد الله محمد بن عبد الهادي المنوني الإدريسي الحسني المكناسي. البحاثة المصنف، أحد كبار علماء المغرب. استفاد كثيرًا من الحافظ عبد الحي الكتاني، و قد كان والده مقدم الزاوية الكتانية في مكناس.
و قد أخذ عن جماعة، و روى عن مشارقة و مغاربة، و استجاز له شيخه مؤرخ مكناس الشريف عبد الرحمن بن زيدان العلوي من جماعة من المشارقة.
و قد بين ذلك كله في ترجمته لنفسه التي نشرها محمد بن عبد الله الرشيد محققة.
لقيته مرارًا بمسجد بدر بالرباط، و زرته في بيته أكثر من مرة آخرها و هو طريح الفراش. و كان مضرب المثل في التواضع و هضم النفس، مع أن الملوك كانوا يعرفون له فضله. توفي سنة 1420ﻫ.
وقد كان مع الحركة الوطنية و سجن و أوذي. لكنه بعد الاستقلال تفرغ للبحث العلمي، و كان نادرة في معرفة المخطوطات و الكتب و الاطلاع عليها، و ترك كتبًا ممتعة. رحمه الله تعالى.
و قد استجازه شقيقي أبو الليث لنفسه و لي فأجازنا بحمد الله تعالى.
فهؤلاء هم مشايخي في الفترة المغربية، أما مشايخي في الفترة الأردنية فهم:

41- محمد ناصر الدين اللألباني:

العلامة الإمام، محدث العصر ناصر الدين أبو عبد الرحمن محمد بن نوح نجاتي الألباني ثم الدمشقي نزيل عمان الأردن. مجدد علم الحديث في عصره.
و ترجمته أشهر من أن ينبه إليها مثلي. و قد تكلمت عليه في "قناص الفوائد" و "الدرر الحسان".
حضرت له درسًا في بيت صاحبه أبي مالك شقرة عن حجية السنة، و لما عرفته بنفسي فرح بي و سألني عن جدي.
ثم زرته و بصحبتي أخي أبو الليث في المستشفى في مرضه الأخير.
ثم بلغني وفاته و أنا بالمغرب سنة 1420ﻫ رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
و قد خصه محمد بن إبراهيم الشيباني بترجمة في مجلدين. و ترجمه جماعة آخرون.
و قد ترك مدرسة حديثية و فقهية و فكرية لها أتباع في العالم كله، و كتبا كثيرة و تلاميذ ملأوا الدنيا، و اختلف فيه الناس و تعصب له أصحاب. و نحن نرى أنه إمام من أئمة العصر أحيى الحديث و السنة، و له أغلاط نتجنبها. و قد رؤيت له مرائي صالحة.

42- شعيب الأرناؤوط:

العلامة المحدث أبو أسامة شعيب الأرناؤوط القُصُوِّي ثم الدمشقي، الحنفي.
أخذ عن كبار علماء الشام في وقته، و تأثر في الحديث بالألباني، لكنه اختلف معه. و استقر به عصا الرحال في عمان الأردن.
و قد ترك جملة كبيرة من التحقيقات و الإنجازات و خدم الحديث خدمة كبرى.
زرته كثيرًا في مكتبه و ذاكرته و استفدت منه، و حضرت له درسًا في "بلوغ المرام" و آخر في التفسير. و لما كنا سنترك الأردن استدعانا لبيته مع بعض الفضلاء المغاربة و غيرهم و أكرمنا و ما قصر جزاه الله خيرًا.
ترجمته في "الدرر الحسان" مع ذكر ما له و ما عليه. حفظه الله و بارك فيه.
و إنجازاته العلمية هي عمل جماعي في مكتب تحقيق هو المشرف عليه، و العمل ينجزه فريق من الباحثين.

43- مراد شكري:

أبو الحارث مراد بن شكري سويدان الفلسطيني ثم الأردني الأديب المشارك في العلوم، مع ذكاء و فهم.
درس في الجامعة الأردنية، و أخذ عن الألباني و نسيب الرفاعي و عن غيرهما. و خطب و درس و صنف.
وكان أولا أثريًا لا يقول إلا بالدليل، ثم أصبح حنبليًا.
وله آراء شاذة و مذاهب غريبة، بينتها في "الدرر الحسان" و غيرها.
وقد حضرت له بعض المجالس في شرح "عمدة الأحكام" للحافظ عبد الغني المقدسي، و أخرى في شرح منظومة له فقهية حنبلية، و لم يتابع شيئًا من ذلك.
وله اطلاع واسع و عارضة قوية في النظم و النثر و منهجية خاصة، خالف الألباني و أصحابه في أمور.
و كان يحترمني و يكرمني.

44- عصام هادي:

كاتب الألباني أبو موسى عصام بن موسى هادي العَيْنَكارمي المقدسي ثم الأردني.
أخذ عن الألباني و نسيب الرفاعي و علي الحلبي و لازم الرفاعي حتى مات، ثم بقي ملازمًا لمراد شكري. له معرفة جيدة بالحديث، و هو كثير المطالعة، خطيب و إمام لبعض المساجد.
وقد استفدت منه في علم تخريج الأحاديث، كان يعطيني الحديث ثم يتركني في مكتبته حتى أخرجه. و هو في عمري، و بيني و بينه صداقة أكيدة فقد كان كثير الإكرام لي و لأخي. و تأثر بنا حتى إنه درس في مسجده "المرشد المعين" و أصبح له خبرة بعلماء المغرب، فلما ابتعث للدعوة والإرشاد في رمضان معيّن للأندلس التف حوله المغاربة دون الشوام.
وله بعض المؤلفات الحديثية. و أبو مالك شقرة خال أمه، و هم جميعًا من قرية عين كرم قرب بيت المقدس أعادها الله دار إسلام.

45- محمد شقرة:

أبو مالك محمد بن إبراهيم شقرة العينكارمي المقدسي، الخطيب الأديب الداعية، من كبار أصحاب الألباني في الأردن بل هو الذي استقدمه و آواه. فقد كان مستشارًا للأمير الحسن بن طلال، الذي كان آنذاك ولي عهد الأردن زمن الملك حسين.
و كان شقرة أولا من الإخوان المسلمين. و أظنه درس في مصر، ثم تأثر بالألباني. و لعله درَّس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
و له مسجد يخطب و يدرس فيه في عمان يسمى مسجد صلاح الدين، يحضر له خلق من الناس، ثم يدخل لبيته فيلقي كلمة خفيفة و يجيب على الأسئلة.
و قد حضرت له ذلك كله، و فرح بي، و كان ينوه بي أمام الناس. و هو الذي يسر لي لقاء الألباني، جزاه الله خيرًا. و ولداه مالك و عاصم من الفضلاء، درسا على والدي رحمه الله الهندسة في جامعة البترول و المعادن. و ربما نابا عن أبيهما في خطبة الجمعة عند غيابه.
أصل أبي مالك من قرية عين كارم قرب بيت المقدس ثم هاجروا لعمان الأردن بعد احتلالها.
و قد كان للرجل كتب و مقالات غاية في الانحراف من الغلو في الإرجاء و الجبر، و خاصة كتابه "هي السلفية". لكنه مؤخرًا تراجع عن ذلك و اختلف مع علي الحلبي، و قال إنه عاد للسنة. فالحمد لله على ذلك.

46- رمضان الجلاد:

المهندس الفقيه السلفي الحنبلي. من أهل فلسطين ثم هاجروا للأردن بعد الاحتلال اليهودي و قد درس الهندسة، ثم تفرغ لعلوم الشريعة فأخذ أشرطة شرح "زاد المستنقع" لابن العثيمين، فاعتكف على دراستها على أتقنها.
زرته في بيته في جرش، و حضرت له بعض المجالس العلمية، و فرح بي لما عرف نسبي، و سألني عن الشيخ عبد الحي الكتاني.
و قد بلغني بعد ذلك أنه سجن و نالته المحنة العظمى التي نالت المسلمين الصادقين حول العالم. نسأل الله الفرج آمين.

47- محمد بن علوي المالكي:

محمد بن علوي المالكي المكي، الدكتور في الحديث، المشارك في سائر العلوم، مسند الحجاز و وجيه مكة. و هو من أسرة علم شهيرة، و يقولون إن أصلهم من المغرب من الأشراف الأدارسة من آل الدباغ. و تقدم فيهم جملة من الفضلاء.
وقد أخذ ابن علوي عن أبيه و أمين الكتبي و حسن المشاط، ثم درس في الأزهر و أخذ درجة الدكتوراه في الحديث.
و له رواية واسعة جمعها في ثبت خاص مطبوع.
و قد دخل ابن علوي في معارك علمية كبيرة مع النجديين فقد كان أشعريًا مجاهرًا بمذهب متأخري المتصوفة من استغاثة و توسل بغير الله و احتفال بالمولد النبوي الشريف، و كان متميزًا في لباسه فقد حافظ على الزي الحجازي القديم لعلماء مكة و هو الجبة و العمامة. و كتب مؤلفات عديدة كثيرة جلها في الدفاع عن مذهبه.
و قد كفره جماعة و راموا سفك دمه.
قال أبو محمد: لقيته قديمًا في بيت جدي في مكة، ثم زار جدي و هو مريض في جدة.
و زارنا في المغرب سنة 1422ﻫ. و قد استجزته بالمراسلة و أنا في الأردن فأرسل لي الإجازة. ثم بلغني وفاته و أنا بالسجن المركزي بالقنيطرة سنة 1425ﻫ، رحمه الله و عفا عنه.
و مؤلفاته تبلغ المائة ما بين رسالة و مجلد، و من أشهرها "مفاهيم يجب أن تصحح" التي رد عليها صالح بن عبد العزيز من آل الشيخ ابن عبد الوهاب بكتابه "هذه مفاهيمنا".
مات و لم يبلغ الستين من عمره، و ترك مدرسة جل مرتاديها من بلاد الشرق الأقصى ماليزيا و أندونيسيا و ما إلى ذلك. و كان ثريًا سريًا يحترمه الملوك و الأمراء.
سألناه عن رأيه في أحداث نيويورك و واشنطن الشهيرة و موقفه من أسامة بن لادن. فقال: إننا ندعو له في بيت الله الحرام. و قال: كان عندنا في مكة عنده تشدد في "وهابيته" فلما التقى بالملا عمر و الطالبان اعتدل أمره!.

48- عبد الله البسَّام:

العلامة الفقيه عبد الله بن عبد الرحمن البسام القصيمي ثم المكي، من كبار أصحاب عبد الرحمن بن ناصر السَّعدي رحمه الله تعالى، صاحب الشرح النفيس على "عمدة الأحكام" و "بلوغ المرام" الذين سارت بهما الركبان.
حضرت له درسًا في الحرم المكي لعله سنة 1417ﻫ. و كانت له حلقة صغيرة جل من فيها من العوام. و فوقه حلقة لابن العثيمين عظيمة للرجال و النساء جل من فيها من الطلبة. و تلك أرزاق يقسمها الله للناس.
و هو كريم سخي على الطلبة، أظنه كان قاضيًا بمكة.
ثم بلغتني وفاته سنة 1423ﻫ فيما أظن.

49- عبد الرشيد النعماني:

محمد بن عبد الرشيد النعماني الهندي الديوبندي. من كبار علماء الهند، و من المحدثين الديوبنديين.
أرسل له أخي يستجيزه لنفسه و لجميع آل بيته و منهم أنا. فأجاز الجميع. ثم لم ينشب أن مات. فقد كان معمرًا بلغ الثمانين رحمه الله تعالى. لعله توفي سنة 1419ﻫ. و له كتاب عن الإمام أبي حنيفة و آخر عن سنن ابن ماجه. و مباحث أخرى.

50- محمد بن عمر الكاف:

السيد الشريف محمد بن عمر الكاف الجفري الحُسَيْني الحضرمي ثم المدني من آل باعلوي الأشراف الأجلاء في حضرموت. أظنه ولد سنة 1399ﻫ. و كان هو و أخوه معنا في السكن في الأردن.
ولد بالمدينة المنورة، صلى الله على صاحبها و آله و سلم، و حفظ القرآن و جملة من المتون، و ذلك موازاة بالدراسة النظامية، و أخذ عن صفوان الداوودي الشامي و زين بن سميط و أحمدُّ الشنقيطي و غيرهم، ثم درس في الجامعة الأردنية حتى تخرج و رجع للمدينة.
استفدت منه لما كنا سوية بدراسة شرح الرحبية في الفرائض بشرح سبط ابن المارديني.
و هو من مدرسة الحبيب عمر بن حفيظ التي منها الحبيب علي بن عبد الرحمن الجفري الشهير، و هي مدرسة صوفية أشعرية شافعية، جل نشاطها بين شباب آل باعلوي.

51- طارق الخويطر:

الدكتور، النجدي. تدبجنا معًا في الرواية مراسلة. و قد ذكر لي بعض شيوخه في رسالته.

52- أبو أنس اليبرودي:

عمر بن يوسف بن جمعة اليبرودي الفلسطيني الشامي. العلامة الداعية الشهيد.
نشأ في الكويت، ثم درس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة صلى الله على صاحبها و آله و سلم. و أخذ عن جماعة من العلماء و حفظ الكثير من الحديث. و كان شافعيًا أثريًا. و بعد أحداث الكويت سنة 1410ﻫ عاد للأردن.
و قد سافر للبوسنة و الهرسك داعية و مغيثًا لأهلها مع بعض المنظمات الإسلامية.
و في الأردن كان خطيبًا لمسجد و مدرسًا فيه و في غيره، و كان له جملة من الأصحاب و التلاميذ يرعاهم و يربيهم.
فلما دعا داعي الجهاد في العراق طار إليه مجاهدًا، و ارتقى به الحال حتى أصبح مفتي المجاهدين و مقدمهم في أمور الدين حتى استشهد في معركة قرب سجن أبي غريب الشهير ببغداد سنة 1425ﻫ و لما يبلغ 33 سنة.
و قد كان ضليعًا ريان من علوم الشرع مع رقة قلب و تواضع. حضرت له مجلسًا في محبة النبي  فكان منذ بداية الدرس إلى نهايته و هو دامع العينين من صدق المحبة.
و اختلفت إليه في مجالس في المسجد يدرس فيها "عمدة الأحكام" للحافظ عبد الغني المقدسي، مليئة بالفوائد و النوادر العلمية، و حضرت له مجالس أخرى.
و مع هذا كله فقد كان خفيف الروح ذا دعابة و مرح. و لا يتكلم إلا بالفصحى، جميل الهيئة، يلبس القميص العربي و يضع الشماغ الأحمر و عليه عقال، و يلبس صدرية من الفرو في الشتاء، و له صوت ندي بالقرآن الكريم.
قلت: لم أر أفضل منه في الأردن.
رحمه الله تعالى و رضي عنه و جعل الجنة مثواه.

53- ابن الحسن الفَزَازي:

أبو محمد محمد بن الحسن الفزازي المرنيسي ثم الفاسي، العالم الشيخ الداعية الخطيب المفوه.
كان من رجال الجهاد ضمن جيش التحرير ضد العدو الفرنسي المحتل، دمره الله، حتى خرج، و شارك في المسيرة الخضراء لإخراج العدو الإسباني من الصحراء المغربية.
أخذ عن جملة من علماء القرويين بفاس، ثم اختص بتقي الدين الهلالي، رحمه الله، و هو يروي عنه عن المباركفوري عن مشايخه من أهل الحديث بالهند.
وقد أسس جمعية الدعوة إلى الله مع جماعة من العلماء، و أسس مركزه الإسلامي في فاس سماه: مسجد أبي بكر الصديق، و منه جعل ينشر السنة و التوحيد.
وكان له علاقة قوية بعلماء الجزائر، فلما قام الجهاد بها بعد انقلاب سنة 1411ﻫ ساندهم أيما مساندة.
و له مصنف كبير في الفقه و الخلاف يبلغ حوالي أربعين مجلدًا.
و هو صلب في الحق شديد في السنة، و قد يبالغ في شدته.
استدعى لي الإجازة منه شقيقي الحبيب، جزاه الله عني كل خير. و قد بلغ الشيخ من العمر حوالي 86 سنة و هو متمتع بصحة جيدة و لله الحمد.
قال أبو محمد: وقفت على مؤلف في نسب آل الفزازي لابن عم الشيخ يذكر فيه أنهم أشراف أدارسة، و يذكر البراهين و كلام العلماء و يرفع نسبهم و فروعهم. و قد كان الشيخ كلما رآني قال لي: نحن أبناء عم.

54- عبد القادر الأرناؤوط:

قَدْري الشهير بعبد القادر الأرناؤوط، أبو محمد القُصُوِّي (نسبة لقصوة، وهي كوسوفا) ثم الدمشقي. العلامة المحدث، أحد أركان السنة ببلاد الشام، درس رفقة صديقه شعيب، و أخذ الفقه الحنفي و اللغة عن علماء دمشق و مشايخ الألبانيين فيها. و تأثر بالألباني و استفاد منه في الحديث.
و قد ترك جملة من التحقيقات النفيسة. و كان سلفيًا أثريًا جهورًا بالحق، فضيق عليه لذلك.
حضرت له مجلسًا في تدريس "قواعد التحديث" للقاسمي، و زرته في مكتبته أكثر من مرة، و استجزته فأجازني في "الأربعين العجلونية"، و هو يرويها عن عبد الله الهروي الحبشي.
و كان بسام الثغر مكرمًا للطلبة، و يتقن اللغة الألبانية و لذلك يفد عليه العديد من الطلبة من قصوة و ألبانيا.
ثم بلغني وفاته و أنا بالسجن المركزي سنة 1425ﻫ، فتأسفت عليه، رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
الخاتمة
ختم الله لنا بالحسنى و زيادة
فهؤلاء أهم مشايخي و لي إجازات من غيرهم من أهل اليمن و غيرها تركتهم لبعد أوراقي عني و رومًا للاختصار.

فأقول للأخ الكريم: أجزتك بالرواية عني إجازة عامة مطلقة تامة، و بما أجازني به مشايخي الأعلام، ناصحًا لك بالجد و المثابرة في طلب العلم و العمل به و الإخلاص في ذلك كله، مع الدعوة إلى الله تعالى في السر و الإعلان و الذب عن أعراض المسلمين و شعائر الإسلام، و الموالاة للمؤمنين و المعاداة للكافرين و المجرمين.
و لا تنسني يا أخي الكريم من دعوة صادقة بظهر الغيب أو في جوف الليل، لعل الله يهديني و يصلح نفسي و ينتفع بي و بك.

و سبحانك اللهم و بحمدك و تبارك اسمك، و أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك.
قاله بلسانه و كتبه ببنانه
العبد الفقير الجاهل القصير
حسن بن علي بن المنتصر الكتاني
رزقه الله دار التهاني

0 التعليقات:

إرسال تعليق

استغفر الله الذي لااله الاهو الحي القيوم واتوب اليه

.

- - -

.


يوجد الان اكثر من 432 نشيد
مركز رفع الصور - شبكة الهداية الاسلامية - شبكة صيد الفوائد - شبكة الإسلام العتيق

الاصدار الاول - برمجة وتصميم ابوعمر الفهيدي

مشروع موسوعة الاناشيد الاسلامية